اللغة خزانة التراث

لقد أصبحت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، من إذاعة وتلفزيون، المصدر الرئيسيَّ لاستقاء الأخبار. وراح بالتالي، يتراجع يومًا بعد يوم، دورُ الوسائل المقروءة من جرائد ومجلات. وعلى الرُّغم من هذا فإنّنا نرى كثيرًا من قارئي النشرات الإخبارية لا يراعون أصول التلاوة التي تمكن المستمع من المتابعة والفهم. فقارئ الجريدة مثلا، إذا تعذر عليه فهم جملة ما، أو مرّت عليه لحظة سهوٍ، فسهل جدًا عليه إعادة القراءة غير مرّة كي يفهم كنه الخبر. أما المستمع

وفي نظري كمستمعٍ، إن المبدأ الأساسي في كتابة وتلاوة نشرة الأخبار هو أن يفهم المستمع ما يُتلى عليه من دون عناء أو جهد. وصياغة نصّ الخبر لوسيلة الإعلام المسموعة تختلف عنها في ذلك المعدِّ للمقروءة. وللوصول إلى هذه الغاية أقترح التقيّد بما يلي:

في كتابة النص:

اعتمادُ الجملة القصير قدر الإمكان، والابتعادُ عن الاستطراد الطويل الذي قد يجعل المستمع يتوه عن وصل السابق مع ما يتبعه.

اعتماد اللغة السهلة والأسلوب المبسّط والابتعاد عن المفردات الغريبة، انطلاقًا من مبدأ أن ليس كلُّ المستمعين أدباء أو ضليعين في أصول اللغة.

تجنب الأخطاء اللغوية سواء في أصول علمي النحو والصرف أم في المعاني، فما يؤسف له أن الكلمات التي تستعمل حاليًا في غير معناها كثيرةُ العدد.

في التلاوة:

مراعاة قواعد النحو، فلا يُرفع المجرورُ أو يُنصبُ المرفوعُ…الخ.

مراعاة النُطق الصحيح والسليم بالأحرف، فالذالُ يجب أن تبقى ذالا، والقافُ ليست همزةً… الخ. مع مراعاة مخارج الحروف، فالحرف الذي أصله من الحلق لا يجوز نطقه من الأنف أو من أقصى أعماق الحنجرة… وكذلك ترك التضخيم والترخيم في نطقه، فالتاء ليست طاءً وبالعكس…الخ.

التفريقُ في المدِّ بين الألف والفتحة، والواو والضمة، والياء والكسرة.

التأني في القراءة من دون بُطءٍ مملٍّ أو سرعةٍ ترهق المستمع.

مراعاة أصول الوقف، بحيث لا تُقطعُ كلمةٌ من جملة وتُلحقُ بالتالية أو بالعكس. كذلك مراعاة أصول تسكين الحرف الأخير من الكلمة الموقوف عليها، مع مراعاة قاعدة عدم التقاء الساكنين، بتحريك الحرف ما قبل الأخير إذا كان ساكنًا نحو «حتى مطلعِ الفَجْرِ» تصبح عند الوقف «حتى مطلعِ الفَجِرْ». ولا ننسى أيضًا القاعدة التي تقول: «لا يُبدَاُ في العربية بساكنٍ». 

مراعاة نغمة الصوت عند الوقف لإظهار الفرق بين الاستفهام والتعجب والانتهاء، أو أنه للوصل بما يليه.

وأخيرًا وليس آخرًا فنشرة الأخبار ليست قصيدة شعرٍ أو خطابًا جماهريًا أو أغنيةً ملحنة.


[1] نشر هذا المقال على صفحة جمعية أصدقاء اللغة العربية – مونتريال على الفيس بوك. كما قرأته على أثير إذاعة الشرق الأوسط في مونتريال – كندا- من ضمن حوار مع الإعلامي الأستاذ فيكتور دياب في برنامجه الثقافي «ما خلصت الحكاية» في خريف العام 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *