كفاك وعيدًا

كفاك وعيدًا

كفاك وعيدًا يا «سيد» جبران. وكفاك تلاعبًا على أوتار الطائفية والمذهبية، وأخيرًا وليس آخرًا بدعة «الميثاقية»، وكفاكَ ادعاءً بالمطالبة بحقوق المسيحيين ومصالحهم، فهم، كإخوانهم المسلمين، لبنانيون أولًا، والمسؤول عنهم هو الدولة وحدَها، بكامل مؤسساتها التي تعطلونها، أنتم ومن يشدُّ على أيديكم، بتعطيلكم انتخاب رئيس الجمهورية «المسيحي»، أكرر «المسيحي»، منذ ما يزيد عن العامين، ومعه أصاب الشللُ مجلس النواب وسائر المؤسسات والإدارات، المدنية منها والعسكرية. وها أنتم اليوم تعملون على تعطيل، ما أصبح بفضلكم، شبه حكومة، وتضعون الحوار أمام حائط مسدود، وهو ما كنَّا نتوسم فيه آخر أبواب الفرج.

أيكون «الإصلاح والتغيير»، الذي «طوشتمونا» به، بتعطيل وتدمير ما تبقى من هذه الدولة، التي جعلتموها بأفعالكم أنتم وسائر «المسؤولين» من أفشل دول العالم؟

واذكر، يا «معالي الوزير»، بأنك ما كنت لتحلم يومًا لا بإدارة ولا بوزارة، لو لم تكن «الداماد»، (لمن لا يعرف، هي كلمة تركية تعني: صهر السلطان). فكم من وزارة عرقل «حموك العماد» تأليفها قائلا: «نعم، كَرْمَى للصهر ما في وزارة». وإذا كنت تحلم اليوم ب «توصيل حميك»، قسرًا وكرهًا، إلى بعبدا وبأن ترثه فيما بعد كما ورثتَ رئاسة تياره، فاصْحُ من حلمك واستيقظْ واعلمْ أن نتائج أفعالكم وتصرفاتكم هذه لن تكون في خسارتكم هذا الحلم فقط، بل ستؤدي إلى القضاء التام على دولة كان اسمها لبنان، بمسحييها ومسلميها معًا.

ويا أيها «الزعماء الكرام»، بالأمس القريب شهد شاهد منكم، حين قال الرئيس أمين الجميل: «إنَّ التاريخ سيلعننا». نعم هذا قولٌ صائبٌ، وقد يكون هذا اللعن قد بدأ منذ زمن. فإذا كنتم تريدون حقًّا أن يترحَّمَ عليكم أبناؤنا وأحفادنا لا أن يلعنوكم فقط، فما عليكم سوى العودة إلى بيوت آبائكم عساكم تعثرون على ذلك الكتاب الذي تعلمنا فيه نحن وآباؤنا وآباؤكم وأجدادنا وأجدادكم، عنيت كتاب «التربية الوطنية»، لعلّكم تتعلمون منه أنتم أيضًا، أن الأوطان لا تبنى بتفريق أبنائها، ولا بالكلام المنمّق والخطب الرنانة، ولا بالشعارات الفارغة والادّعاءات المزيفة، بل بالعمل بكل إخلاصٍ وأمانةٍ وصدقٍ لمصلحتها ورفعها فوق كل المصالح، وبالتضحية، لا بالكراسي فقط، بل بكلِّ غالٍ ونفيسٍ أيضًا، في سبيل إعلاء شؤونها، وتحصين مواقعها واستقرارها وأمنها وعزة وكرامة أبنائها.

 وأنتم، يا شباب لبنان، إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بلبنانيتكم، قبل مسيحيتكم وإسلاميتكم، فقفوا وقفة عزٍّ وهبُّوا صفًا واحدًا لمنع سقوط بلدنا الحبيب ونهائيا في الهاوية التي يقف اليوم على حافّتها. ولا تنتظروا العون من شقيقٍ أو صديقٍ أو حليفٍ، فكلٌّ منهم يعمل لمصلحته هو فقط. لا تتخاذلوا فتتحولوا نوّاحين كالثكالى، وأيتامًا يتسولون اللجوء المُذِلَّ في مشارق الأرض ومغاربها. كفاكم «صبرًا» فالصبر الزائد ليس سوى ضعفًا وخنوعًا وعبودية. ومن لا يعرف مصلحته لن يلقى الذي يهديه إليها. ومن لا يرحم نفسه لن يجد من يرحمه. اللهم فاشهد، إنّي قد بلغت.

 

[1] نشر هذا المقال على صفحتي على الفيس بوك. 27/ أيلول 2016.