لا تستقووا بالأجنبي
منذ بدء الحَراك الشعبي في سوريا، اعتاد المتظاهرون أن يطلقوا شعارًا لمظاهرات ينظمونها في كل يوم جمعة، أسوة بما سبقهم إليه إخوانهم في تونس ومصر. وبالأمس، يوم الجمعة في 9/9/2011، سارت مظاهرات، في مدن وبلدات سورية، تحت شعار «جمعة الحماية الدولية». وقد طالعتنا إحدى الصحف بصورة للافتة رفعت في مدينة إدلب حوت، بالإضافة إلى الشعار المذكور، عبارة: «أنقذونا من أنياب الأسد».
فيا إخواني الشباب، في جميع الأقطار، الذين تطالبون بالحرية والديمقراطية، أرجوكم وأتوسل إليكم ألّا تستقووا بالأجنبي، ودعوه بعيدًا عن بلادكم ومدنكم وقراكم وبيوتكم، فتكونوا، على حد قول المثل الشعبي، كمن أحضر «الدُّب إلى كرمه».
ألم تروا ماذا جلب لنا، في لبنان، الاستقواء بالأجنبي؟ لقد كانت النتيجة أن تفرقنا شيعًا ومذاهب تتناحر، يوميًا، وأن حلَّ في النفوس الكُره والحقد عوضًا عن المحبّة التي توصي بها جميع الأديان والمذاهب؟ حتى الفساد الوقح استشرى في النفوس أيضًا وفي زوايا المكاتب والدوائر الحكومية، يحميه ذلك التشرذم الذي نعيش في ظله. أرجوكم اقرأوا عن أحوالنا قبل أن ترموا أنفسكم بأيديكم إلى التهلُكة.
ثم هذا هو العراق الحبيب مثالٌ آخر لما جرّه عليه استقواء أبنائه بالأجنبي. ألا ترون ماذا يحصل فيه يوميًا من تقتيل وتدمير وسرقاتٍ لثروات أحد أغنى أقطارنا العربية؟ أرجوكم اتعظوا.
وهذه أفغانستان وجارتها الباكستان أنظروا كيف يقتل أبناؤهما المسلمون إخوانهم في الدين وهم في المساجد يقيمون الصلاة. وبالله أصدقوني: هل رأى أحدكم دمعة واحدة ذرفتها عين أحد المسؤولين، سواء في أوروبا أم في أميركا، حسرة على مئات، بل آلاف، الأرواح التي تزهق في هاتين الدولتين؟ أم هل سمعتم أحدهم ينطق بكلمة أسًى واحدة عليها؟ فكأنها أرواح حيوانات «مرضى بالطاعون»؟
ولا تتجاهلوا ما جرى ويجري في فلسطين الحبيبة. ولا ما يحصل في السودان والصومال وغيرهما من البلدان الإفريقية. والشواهد كثيرة.
كما أسألكم يا أبناء الأمة الواحدة، مسؤولين من جميع المستويات، ومواطنين، شيبًا وكهولًا وشبابًا، ألّا تحتكموا إلى السلاح مطلقًا لحل مشاكلكم الداخلية، فلتبقَ الكلمة أقوى الأسلحة بينكم. فالسلاح لا يجرُّ سوى الدم والدمار، ومتى جرت الدماء فلن تجدوا من يقدر على وقف سيولها.
عودوا إلى معتقداتكم وتعاليم أديانكم وإلى عاداتكم وتقاليدكم العريقة المفعمة بروح المحبة والأخوَّة، وهي كفيلة بحل مشاكلكم وتلبية طلباتكم المحقة.
بالله عليكم لا تقتلوا أنفسكم، ولا تدمّروا بلادكم وتُمسوا تبكون عليها، كما يفعل الأطفال بلُعبهم، وكما فعلنا بلبناننا الذي حوّلناه من «سويسرا الشرق» إلى بلد نحلم فيه برؤية نور الكهرباء.
ولا تنسوا قوله تعالى:
{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا…} (الإسراء 7)
{وَمَآ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ …} (الشورى 30)
اللهم فاشهد إني قد بلغت والله خير شهيد.
[1] كتبت هذا المقال في 10/9/2011.