القمر وقصة عنترة

القمر وقصة عنترة

يوم لم تكن فضائيّات التّلفزة وما يُسمى بمواقع «التّواصل الاجتماعي» على «الشّبكة العنكبوتية»، قد غزت بعدُ المنازل وقطّعت التّواصل إلى حد كبيرٍ بين أفراد العائلة الواحدة، كنّا نسمع من آبائنا الكثير من الروايات والحكم والأقوال المأثورة، ذات العبر والمعاني القيّمة، سواء مما توارثوه عن سابقيهم أم ممّا تعلموه من تجاربهم في هذه الحياة.

منها، مثلاً، عبارة، سمعتها مرّات عديدة، ليس من والدي فقط، بل من كثيرٍ من أترابه، وهي: «سيصل أهلُ الغرب إلى القمر والعرب ما زالوا مختلفين في قصّة عنتر» (من دون التاء). وتمضي الأيّام ويضع «آرمسترونغ» قدميه، في العام 1969، على سطح القمر ويغرس فيه علم الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى الرُّغم من أنّ كلَّ دولة كان لها محطّة تلفزة واحدة أو أحيانا اثنتان، تبثّ عليها البرامج الرصينة ونشرات الأخبار، فقد كنَّا نعتمد كثيرًا على محطّات الإذاعة لاستقاء الجديدِ على الساحتين المحليّة والعالميّة.

وما زلت أذكر جيدًا طُرفة حدثت في ذلك اليوم. كان بلوغ القمر قد حدث في إحدى ساعات الصباح بتوقيت بيروت، وقد سمعنا الخبر موجزًا في إحدى ساعات العمل. ولمّا عدت إلى المنزل رغبتُ في أن أستمع إلى تفاصيل ذلك الحدث التّاريخي من نشرة أخبار «إذاعة لبنان»، لأن نشرة التّلفزيون كانت تبثُّ مساءً فقط. وهنا كانت المفاجأة، كان الخبر الأوّل، عن ذلك الحدث المهمّ، وهذا طبيعيٌّ بالتأكّيد، أما الخبر الثاني، نعم الثاني، فقد كان عن أنّ أحد الباحثين قد اكتشف أمرًا عن «قصّة عنترة»، لم أعد أذكر تفاصيله لسخافة الموضوع. صدقوني هذا ليس مختلقًا ولا من نسج الخيال ولكنّه حقيقيٌ وحصل فعلاً.

وبالمناسبة دعوني أسأل العارفين: هل نحن أمام اختلاٍف جديدٍ في عصرنا هذا، كما كان في قصّة عنترة، عن المسلم الصحيح؟ فهل يكفي أن يحفوَ شاربيه ويعفوَ عن لحيته، أم عليه أيضًا أن يرتدي ثوب السلف الصالح؟ وهل تكون المسلمةُ مسلِمةً حقًّا إن هي غطَّت شعرها بـ«الحجاب» وإلَّا فلا؟