إلى متى سنبقى قطعان غنم؟؟!!

إلى متى سنبقى قطعان غنم؟؟!!

إخواني اللبنانيين: إنّ من يُطلقُ عليهم زُورًا صفة «الزعماء»، حولوكم إلى قطعان من الأغنام واختاروا من بينكم «كبار الألسن» وعلقوا أمام أفواههم الأبواق، كما تعلق الأجراس على أعناق كبار القرون من الأكبُش، ليبلّغوكم الأوامر فتتبعوهم كيفما اتّجهوا، من دون أن يكون لكم الحق في اختيار طريقكم. نعم أقول غنمًا لأنها أسهل أنواع الماشية انقيادًا للرعاة… أما الفرق فيما بين رعاتنا ورعاة الغنم هو أن هؤلاء يعملون على إطعام أغنامهم قبل أن يسوقوهم إلى الذبح، بينما «رعاتنا» يعملون ما في وسعهم ليميتونا جوعًا وعطشًا بعد أن جفّفوا «ضروعنا». لم يتركوا في خزائن الدولة قرشًا إلا تنعّموا به، هم وأزلامهم، وأنتم عن ذلك عَمُون ساكتون صامتون، وتكتفون بالتصفيق لهم عندما يكيل بعضهم التهم والشتائم بحق غيرهم، من الذين يختلفون معهم «في السياسة فقط…»، فيُرضوا عواطفكم وتُعمَى بصيرتكم، حتى من دون أن يعطوكم من اللسان حلاوة.

 

أدرجوا في الدستور نصًا يقول بأن اللبنانيين متساوون جميعًا في الحقوق والواجبات، ولكن جُلّ ما تساوينا فيه هو الخضوع لمشيئة وأهواء أولئك السلاطين والعمل على إشباع أطماعهم وملء جيوبهم وتثبيتهم، هم وورثتهم، على عروشهم.

 

قالت مرةً مذيعة الأخبار على شاشة ال LBC: «أهلا بكم في جمهورية العار»[2]. ولكنها لم تكن على حقٍ، إذ كان عليها أن تضيفَ أيضًا صفات الذل والاستذلال والعبودية والاستغباء والاستغلال و«المغارة»…

وإذا كنت ألوم هؤلاء «الزعماء» قيراطًا فالثلاثة والعشرون الباقية هنّ على هذا الشعب الذي يكتفي بأن يفرح عندما يصفه بعضهم بأنه شعب «جبار بصبره وطول أناته»، تصيبه المصائب والويلات فينتصب بعدها فورًا على قدميه ويعود إلى سابق نشاطه. ولكنَّي لا أرى في هذا من الجبروت والصبر بقدر ما فيه من الذل والاستذلال والجهل، ولا ننسى أن «كل ذي عاهة جبار» وعاهتنا أننا نتوهم بتفوقنا على باقي البشر بالفهم والعقل والإدراك. وقديمًا قيل: «لا يلدغ المؤمن من جُحرٍ مرتين»، ولكننا في لبنان نُلدغ من الجحر عينه مئات المرات ولا نحاول أن ندمره كي نتخلص من شروره، فقطيع الغنم ليس عليه إلا أن يسير بإمرة عصا الراعي حتى لو كان يسوقه إلى المسلخ.

قطعوا عنكم الماء والكهرباء، جوّعوكم وحمَّلوكم مليارات الدولارات دينًا ولن يبقى إلا القليل كي يُفلسوا بلدكم. حوّلوه من منارة للعلم إلى سوق… أباحوا أرضكم للمجرمين وحدودكم للطامعين. لا أمن ولا أمان. سلّطوا على رقابكم سيوف الأشرار من أزلامهم. إن دولة يخاف فيها الشرطي أن ينظّم محضر مخالفة سير، خشية أن يكون المخالف «مدعومًا»، لا يجوز أن تسمى دولة.

فإلى متى، يا أبناء وطني، تقبلون بهذه الحال وبأن نبقى مشرذمين قطعان غنم؟ قوموا واصرخوا من أعماق قلوبكم في وجه هؤلاء «الزعماء» بقول الشاعر:

قل للذي حسب الزعامة إرثةً: ** «ما الخلق مُلكُ أبيك كالأنعام»

 

أسلافكم استنهضوا قومية ولغة أبناء العرب، وأنتم ماذا تنتظرون كي تنهضوا سويّة، أبناء وطنٍ واحدٍ لا ثمانية عشر، لتغيّروا نظام رعاة الأغنام هذا؟

وتذكّروا قوله تعالى: {لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد 11).

 

[1] نشر هذا المقال في العدد 3 تشرين الأول 2012 من جريدة البيان – مونتريال – كندا كما نشر مرة أخرى على الفيس بوك في 18/9/2014.

[2] كان هذا في أواخر شهر تموز من العام 2012.