«راسه طاير»

«راسه طاير»

من المألوف جدًّا أن نرى نُتوءاتٍ صخريّةً تنبت في المنحدرات الجبليّة وتتفاوت حجمًا وشكلًا لتبلغ أحيانًا عدّة أمتار عموديًّا وبضعةً أفقيًا، يُسمِّي الجبليّون اللبنانيّون واحدتَها «مِسَّار». وقليلا ما يخلو محيطُ أيٍّ من قرى جبالهم من مثل هذه «المساسير» سواءٌ في الوديان القريبة منها أم لتشكّل حدودًا او بلاطًا لممرات على طرق تقودُ إلى أراضيها الزّراعيّة. 

ويُروى أنْ سمع يوما أبناءُ إحدى تلك القرى صوتَ استغاثةٍ ينبعث من إحدى نواحيها فكان «عاطف» أوّلَ المستجيبين. وقد عُرف ببساطة التّفكير، فانطلق يجري مسرعًا تُجاه مصدر الصَّوت. ولمّا بلغه رأى رجلا من أبناء القرية المجاورة مطروحًا أرضًا لا حَراك به والدّم يسيل من رأسه وبعضُ أبناء قريته يتشاورون في ما ينبغي أن يفعلوه. وقد أعلمَه أحدُهم أنّه سقط من أعلى «المِسَّار». 

ولمّا لم يجد له دورًا، قفل عاطف يجري عائدًا إلى قريته لعلَّه يكون أوّلَ من ينقلُ النَّبأ. وقبل أن يبلغها التقاه بعضُ أبنائها، وقد كانوا قاصدين بدورهم مكان الحادث تلبية لنداء الاستغاثة.

فبادره أحدهم سائلا: ماذا في الامر؟

أجاب: لقد سقط أحد أبناء القرية المجاورة عن «المِسَّار».

فسأله: وماذا اصابه؟

أجاب: «ما صابه شي، بسّْ راسه طاير».[1]

 

[1]  ما معناه: لا شيء سوى أنَّ رأسه تحطّمُ بالكامل.