سؤال إلى السيد رئيس الجمهورية

سؤال إلى السيد رئيس الجمهورية


السيد الرئيس، أنا مواطن لبناني عادي، تجاوزت الثمانين من سنوات العمر، لم أتبوأ يومًا أي مركزٍ في أي إدارة أو مؤسسة حكومية، ولم أنتسب إلى أي حزبٍ أو تنظيم سياسي، فقد كان عملي في القطاع الخاص، ومنه خمسة عشر عامًا في القطاع المصرفي. ويوم أُفلس (برفع الهمزة) بنك إنترا، في العام 1966، كنت مديرًا لأحد فروع بنك آخر.

قبل أن يبدأ مصرف لبنان عمله في أول نيسان من العام 1964، الذي أُسّسَ بموجب قانون النقد والتسليف في 1963، انهارت بضع مصارف تجارية، وكان تأثير ذلك على القطاعين الاقتصادي والمصرفي ضئيلًا جدًا. وعلى رغم الإفلاس المتعمد لبنك إنترا في العام 1966، كما أشرت آنفًا، تابع القطاع المصرفي نموّه. وبعد ذلك بزمن وجيز، قام مصرف لبنان بتصفية بضعة مصارف، ولم يتأثر القطاع المصرفي ومعه القطاع الاقتصادي.

وفي العام 1975، بدأت الأحداث المؤسفة التي استمرت نحوًا من خمس عشرة سنة، واستمر القطاع المصرفيّ في صموده ما يزيد عن ربع القرن بعد توقف تلك الحرب. وأذكر جيدًا أنّ إبّان تلك الحرب، وبالتحديد، في أوائل ثمانينيّات القرن الماضي، كنت في زيارة عمل في العاصمة الفرنسية، فوجئت أن بعض الصرّافين الفرنسيين، على شارع الشانزيليزيه، الذي تعرفه جيدًا، كانوا يبدّلون الليرة اللبنانية بالفرنك الفرنسي، أو غيره من سائر العملات، وبالعكس، أي أنّها كانت لم تزل عملة متداولة عالميًا باعتبارها من العملات القويّة.

فهل لك أيها السيد رئيس الجمهورية القوي، أن تجيبني على سؤالٍ يدور في خلدي منذ ما يزيد عن السنتين، وهو:

على الرغم من تلك الأزمات، التي عدّدتُها آنفًا، وبخاصّةٍ، في العقود الأربع منذ العام 1975، التي تعاقب فيها على كرسي رئاسة الجمهورية ستة رؤساء، وحتى إبّان فترة الفراغ الرئاسي التي سبقت انتخابك، بقي القطاع المصرفي رمزًا من رموز صمود لبنان؛ فهل لك أن تفسّر لي، ولأمثالي من اللبنانيين، أيّها الرئيس القوي، لماذا انهار هذا القطاع، وانهار معه اقتصاد لبنان بالكامل، وأصبحت نسبة الفقر فيه تزيد عن ثلاثة أرباع سكانه، قبل مضي نصف مدة عهدك القوي؟ وأين قوتك التي وعدتنا بأنّك وحدك القادر على فرض «الإصلاح والتغيير»؟ أم أن هذه القوة تلاشت لأنّهم «ما خَلُّوكم»؟ ومن هم هؤلاء الذين «ما خلُّوكم»؟ أم أنك اكتفيت فقط بتنفيذ وعدك بإيصالنا إلى جهنم؟؟؟