في تكريم الصديق د. علي حرب
في يوم التكريم 2022/12/18
أخواتي وإخواني، أسعد الله أوقاتكم أجمعين
«ما أجمل أن يلتقي الأحبة معًا».
منذ بضع سنوات، كنت على موعدٍ مع عراب الثقافة في مونتريال، الصديق، الأستاذ فكتور دياب، في أحد مقاهي مركز «روكلاند» للتسوق. وبعد انتهاء جلستنا، وبينما كنا متجهين للخروج، توقف الصديق فكتور، بالقرب من إحدى الطاولات، ليلقي التحية على أحد الجالسين إليها، فيبادر هذا الأخير بالوقوف أدبًا، على عاداتنا الشرقية، لردِّ التحية. ثم قدمني إليه وقدمه إليّ، قائلا: د. علي حرب، مدير تحرير جريدة الأخبار في مونتريال، فتصافحنا، ثم أكملنا طريقنا كلٌّ إلى مقصده.
وبعد بضعة أيام جمعتني به إحدى الجلسات الثقافية. ومن مداخلة له يوم ذاك، شعرت أنني لست أمام صحفيٍّ عاديٍّ. ومع توالي تلك اللقاءات، تأكدت من سلامة شعوري ذاك. ثم صرنا نلتقي منفردين، وفي كلِّ مرة، وعلى الرغم من أنّه لم يكن يتكلم عن نفسه، من تواضع المثقفين والعلماء، رحت أكتشف عمق ثقافته وتنوّعها، وسموَّ أخلاقه واحترامَه لرأي الآخر.
وإبّان حفل تقديم كتابي «الجهاد في القرآن – لا قتال بعد وفاة النبي»، كانت له فيه كلمة أكدت لي قناعتي بأنني عثرت على ينبوعٍ من ينابيع الثقافة والأدب والشعر واللغة، يتوجب عليّ عدم إضاعة فرص وروده للارتواء مما يفيض من مكنونات عقله الراجح.
وكم تمتعت أيضًا بسماع ثم بمعاودة قراءة ما ألقاه في حفل تقديم كتابي «أحاديث الرسول (ص) بين الصحيح والمنحول»، ثم تقديمِه لكتابي «وينتصر الحب – مجموعة قصص اجتماعية»، الذي رأى النور منذ نحو الأسابيع الثلاثة.
ويوم انتفض اللبنانيون في 17 تشرين الأول 2019، تفجرت محبته لبلده وغيرته عليه، بكتابة العديد من المقالات التي تنمّ عن وطنيته الصادقة، وقد توّجها بنشيد ثورةٍ لم يكن يحلم بأن يراها في لبنانه.
ويوم أخمدت تلك الانتفاضة رأيت اليأس يخيّم على جوارحه. فراح يفرغ ذلك اليأس على دروب الثقافة، لعلها تقضي على الجهل المتفشي في شرقنا العربي، فقام، من موقعه كمدير مكتب كندا للاتحاد العالمي للمثقفين العرب، بتنظيم سلسلة ندوات في موضوع «الحراك الثقافي العربي في المهجر»، ثم تنظيم مؤتمر 2022 للاتحاد المذكور في موضوع «أزمة الثقافة والمثقف العربي في حركة النهوض». فكانا من أنجح النشاطات، بشهادة البعيد قبل القريب.
فهنيئا لي بصداقتك، لا أقول يا د. علي، لأنّي أؤمن بأنك من الذين يرفعون من قيمة الألقاب، لا من الذين ترفعهم الألقاب، فأقول: يا أخي الحبيب، علي، أطال الله عمرك لتتابع مسيرتك على دروب الثقافة التي اخترت.
وختامًا، وبكل محبة وتقدير، أشكر كلّ من شاركنا في لقاء المحبة هذا لتكريم العليّ، المربي وعاشق الثقافة والأدب والشعر، سواء بالكلام أم بالحضور. ولا بد لي من أن أخصَّ، بالشكر كلَّ من الصديق د. محمد إقبال حرب، صاحب فكرة هذا اللقاء، ومنظِّمَه الصديق الإعلامي فكتور دياب. وشكرا لحسن استماعكم.