تنصيب أول بطريرك للرّوم الملكيّين الكاثوليك

تنصيب أول بطريرك للرّوم الملكيّين الكاثوليك[1]

المعروف أن كنيسة الرّوم الملكيّين الكاثوليك، قد انفصلت عن الكنيسة الشرقيّة في أوائل عشرينيّات القرن الثامن عشر، واعترفت بالسلطة الباباويّة. وفي العام 1724، رحّب بها، البابا بنيدكتس الثالث عشر.

ويقول حسين غضبان أبو شقرا[2] – راوي أحداث كتاب الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية -: روى لي المرحوم الطيب الذكر المطران ثاوادسيوس، مطران صيدا ودير القمر للرّوم الكاثوليك، قال: في عهد الأمير ملحم شهاب، وكان الرّوم الكاثوليك قد انفصلوا عن الكنيسة الشرقيّة، لينضمّوا إلى الكنيسة الغربيّة، معترفين بالسلطة الباباويّة، ولم يكن قد سُقِّف لهم بطريرك بعد، قدِم القاصد الرسوليّ إلى صيدا. وقد كان يومئذٍ، أبو شاهين معضاد أبو شقرا موجودًا أيضًا في. – ويبدو أن القاصد الرسوليّ هذا، كان على علمٍ بامتياز خاصٍ بعمّاطور في حماية من يلجأ إليها لمدّة سنة كاملة[3]، وبمقام أبي شاهين المذكور، لا بين أبناء عائلته، أبو شقرا، فقط، بل أيضًا في عمّاطور والشوف عامّة، كما بوجوده في حينه، في صيدا. ولذا جاء للقائه فيها.

ولما التقيا طلب القاصد الرسوليّ من أبي شاهين، العون في أمر تنصيب بطريرك لطائفة الروم الملكيّين الكاثوليك، لأن حكّام ذلك الزمان كانوا يكرهون الإكليروس ولا يقبلون بمسح رؤساء لهم. فاستجاب أبو شاهين لطلب القاصد الرسوليّ وطيّب خاطره وأخذ الأمر على عاتقه، قائلا: «في بيتي يسقّف البطريرك».

فامتطى كلٌّ منهما فرسه، وبرفقتهما المطران المنوي تنصيبه، قاصدِين عمّاطور، حيث تمَّ التنصيب في «علِّيِّة» أبي شاهين.

ويوضح محقق كتاب الحركات المذكور، أنّه بحسب مقالٍ للخوري قسطنطين الباشا، – منشورٍ في مجلة الرسالة المخلّصيّة، السنة السادسة 1939 – فإنّ ذلك البطريرك، هو كيرلس طاناس الدمشقي (ومنهم من يقول الإنطاكي)، وكان يُعرف باسم ساروفيم طاناس يوم كان بعد كاهنًا.

ويُكمل المطران ثاوادسيوس، صاحب رواية التنصيب، بأنّه لما بلغ الحاكمَ أمرُ التنصيب هذا، غضب غضبًا شديدًا، وبثَّ العيون والأرصاد وراء البطريرك الجديد. ولكنّه لم يستطع إلقاء القبض عليه جرَّاء مساعدة أبي شاهين المذكور، له وإخفائه عن الأبصار ريثما سافر القاصدُ الرسوليّ إلى روما واستحصل على كتابٍ من البابا، إلى الباب العالي، في الآستانة يلتمس فيه التصديق على تنصيب البطريرك المذكور، وإعلام حاكم لبنان بذلك.

 

 

[1] كتبتها في 29/5/2020، بتصرف عن كتاب الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية – الراوي: حسين غضبان أبو شقرا – تأليف: يوسف خطّار أبو شقرا – تحقيق: عارف يوسف أبو شقرا – بيروت – آذار 1952.

[2] المقدر تاريخ مولده فيما بين 1830 – 1835.

[3] امتيازات بلدة عماطور: كان لها الحقّ بأن تحمي من يلجأ إليها مدة سنة. وكان المارة يمتنعون عن رفع أصواتهم بغناء أو إنشاد، وكان يفكُّ وثاق المقيّد والمكتوف لدى مروره فيها، وكان الفرسان يترجلون ويقودون أفراسهم حتى يجاوزوا البلدة. وكانت منذ أيام الأمير حيدر شهاب (دام حكمه من 1707 إلى أن تنحى طوعًا لابنه ملحم في العام 1729) من الضياع الخاصة، تُجبى أموالها إلى الحاكم رأسًا، لا على يد صاحب الإقطاع. (ص -و-) من كتاب الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية. والضياع الخاصة هي: نيحا وعماطور وبعقلين وبتلون وعيندارة. (الشيخ ناصيف اليازجي يجعل دير القمر بدل بعقلين في الضياع الخاصة).