أصداقةٌ بشرط!!؟؟
طلب مني صديق، يومًا، ألاّ أنشر على «الفيس بوك» آرائي السياسية والوطنية لأنّها تخالف آراءه. وطلب مني ثانٍ، ألاّ أنشر آرائي في الدين، لأنها أيضًا لا توافق آراءه. وقد برر الاثنان طلبهما، بحجة رغبتهما في عدم خسارة صداقتي.
وإذا ما كتبت بموضوعات أخرى فهل أضمن ألاّ ينبريَ آخرون بطلباتٍ مماثلة؟ فلن يبقى لي إذًا سوى أن أنشر التفاهات، وهذا ما أمقته كلَّ المقت.
فما دام أحدنا يرهن صداقته مع الآخرين بتطابق آرائهم مع رأيه، فهذا يعني أن تنعدم الصداقات بين البشر، إذ هل من الممكن أن نجد في الكون اثنين تتطابق آراؤهما كلّيًا؟ وأليس من المستحيل أن يدوم هذا التوافق مدى العمر كما تدوم الصداقات؟ بل هل يجوز أن تكون الصداقة مشروطةً بتوافق الآراء؟
وهنا أسأل من يقرأ هذا: ما معنى هذا الطلب؟ أليس نوعًا من القمع الفكري؟ فلماذا إذًا ننعت حُكَّامَنا بالدكتاتوريين وكاتمي الأفواه ونطالبهم بالحرّيّة؟
فيا أصدقائي هذه الوسائل (الفيس بوك وغيره) وجدت للتواصل الاجتماعيّ وتبادل الآراء والأفكار والمعلومات، لا للتخاصم بجميع أشكاله، وبالتأكيد لا للشتائم والإهانات ولا لتحقير المعتقدات والمقدسات. وكم من رفيقين جمعت بينهما هذه الوسائل، بعدما قطعت ظروف الحياة بينهما سنوات؟
الصداقة أسمى من أن تُحكم بمثل هذا الشرط. واحترامُ آراء الآخرين دليلُ رُقيِّ الفكر وسموِّ الأخلاق والتحضُّر.
ولنذكر دومًا قول أحد الحكماء: «اختلاف الرّأي لا يفسد للودِّ قضية».
[1] كتبتها في 14/7/2015، ونشرت على الفيسبوك.