خطر السنجاب والقندس على البيئة

جاء في الأخبار، يومًا[1]، أنّ بعض علماء البيئة يُلقون باللائمة على السنجاب والقندس في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

فقالوا بأن السنجاب، بالفرنسية (Ecureuil) وبالإنكليزية (Squirrel)، يجعل بيته أنفاقًا في ثلوج القطب ليتقي الصقيع، فيساهم بذلك في ذوبان تلك الثلوج وبالتالي في زيادة حرارة الكرة الأرضية.

والقندس، بالفرنسية (Castor) وبالإنكليزية (Beaver)، يبني بيته في الأنهار مستعينًا بكمياتٍ كبيرة من الأخشاب، قد تشكّل أحيانًا سدودًا تعيق تدفق مياه النهر، وكثيرًا ما يقطع الأشجار أيضًا لتلك الغاية، وبذلك يساهم أيضًا بالتأثير السلبي على البيئة، وبالتالي في زيادة الاحتباس الحراري.

ويُعزُون أيضًا إلى هذا التأثير للاحتباس الحراري، مسؤولية ازدياد الأمراض فتكًا بالإنسان وانقراض الكثير من الحيوانات، البحرية والبرية.

لدى سماعي خبر قول هؤلاء العلماء حضرني قول أحد الحكماء إذ قال: «إن أخطأ العالم يتأسف وإن أخطأ الجاهل يتفلسف». أنا لا أعني بأنّ هذا القول ينطبق على علماء البيئة، فقد يكون كلامهم صائبًا، ولكنّي أراه ينطبق على بعضِ ما جاءونا به. فإذا كان السنجاب والقندس يتحملان بعضًا من مسؤولية الاحتباس الحراري فبنو الإنسان عامةً يتحملون المسؤولية الكبرى، من جراء ما عملت أيديهم بهذه الأرض التي أرادنا الله أن نكون خلفاء فيها.

فهل كان السنجاب والقندس من أشعل الحروب بالأسلحة الفتاكة المدمرة؟

أم هما اللذان لوثا أمواه البحار والأنهار بالفضلات الإنسانية والصناعية؟ أم هما اللذان لوثا الهواء الذي تتنشقه رئاتنا بدخان المعامل والمصانع والسيارات وغيرها، ما يميت الملايين من البشر سنويًا بسرطان الرئة؟

أم هما اللذان اخترعا السجائر ولوثا محتوياتها ومحتويات المشروبات وما شابهها بمواد الإدمان المسرطنة؟

أم هما اللذان اخترعا الأسمدة الكيماوية والأدوية الزراعية والبيوت البلاستيكية للزراعة بغية زيادة الإنتاج من دون التحقق من أثرها على هذه البيئة المسكينة؟

ومن اخترع العلف الاصطناعي للحيوانات الداجنة التي تسببت بالعديد من الأمراض التي لم نسمع بها سابقًا؟ ومن صنع الأدوية التي تَبيّن فيما بعد أنها إذا قضت على مرضٍ تسبّبت بغيره؟

وما سمّي زورًا «هواية» الصيد، فمن صنع لهذا الصياد تلك الأسلحة الفتاكة كي يتمتِّع بقتل الملايين من الطيور والحيوانات البرية؟

والاستغلال العشوائيُّ للموارد الطبيعية، هل كان من صنع السنجاب أم القندس؟

ثم إذا قطع القندس شجرة لبناء بيته فقد قطع بنو البشر مليارات الأشجار فحولوا الكثير من الجنان إلى صحاري.

فإذا كنا نعتبر أنفسنا علماء عقلاء لا جهلاء فحريٌّ بنا ألّا نكتفي بالتأسف فقط، بل علينا أن نصلح ما أفسدناه لأمِّنا الأرض التي روتنا من مياهها وأطعمتنا وألبستنا من خيراتها.

ولا تنسَ أيها الإنسان «أنك من التراب وإلى التراب تعود»، كبيرًا كنت أم صغيرًا، رئيسًا أم مرؤوسًا، غنيًا أم فقيرًا.


[1] كان ذلك في أواخر العام 2014.